top of page

حوار ديانا جرجس مع مجلة روزاليوسف

Rosaelyoussef- Magazine | هاجر عثمان

١١ مايو ٢٠٢٣

بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسى فى احتفالية «المرأة المصرية.. أيقونة النجاح» .. ديانا سعد مؤسّسة «شجرة توت» لفنون المسرح الدامج: نُجهز لوصول أول ممثل مصرى من ذوى الإعاقة للعالمية

«تأثرت بقصة إحدى الفتيات من ذوى الإعاقة البصرية فى إحدى ورش الحكى عن معاناتها للانضمام لفرقة مسرح الجامعة والتى انتهت بالفشل. وأنارت قصة الفتاة الفكرة فى ذهنى والبحث عن إجابة لسؤال لماذا لا يوجد مسرح دمج لذوى الإعاقة؟».. تقول ديانا سعد مؤسّسة «شجرة توت» لفنون مسرح الدمج للأشخاص ذوى الإعاقة فى حوارها لمجلة روزاليوسف.


«ديانا» البالغة من العمر 29 عامًا، دفعها شغفها بالتمثيل والمسرح أن توفر بيئة آمنة للأشخاص ذوى الإعاقة من خلال «شجرة توت» للتعبير عن أنفسهم ومواهبهم ومنحهم فرصَ مشاركة حقيقية فى المشهد الثقافى والفنى المصرى.. نالت «سعد» تكريمًا من السيدة «انتصار السيسى» قرينة الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية على مبادرتها.. والذى عبّرت عنه «ديانا» بالفخر وكونه دفعة للأمام لاستكمال الطريق مَهما كانت الصعوبات..


فى البداية.. حدّثينا كيف تَشكَل اهتمامك بفنون المسرح الدامج لذوى الإعاقة؟

- التمثيل المسرحى هو شغفى الذى بدأ منذ الصغر بالمرحلة الابتدائية ثم المسرح الكنسى مرورًا بتجارب المسرح المستقل ووصولاً للتمثيل بمسرح الدولة فى عرض (بيت الأشباح) من تأليف وإخراج محمود جمال الحدينى الذى استمر لمدة 57 ليلة عرض على المسرح العائم قبل التوقف إبان جائحة الكوفيد. 


ولكن خلال تجاربى فى التمثيل وحضور عدة ورش لفنون المسرح؛ عملت مع عدة مؤسّسات أهلية تستهدف دمج ذوى الإعاقة فى مجالات مختلفة كالتعليم والعمل، وتأثرت آنذاك بقصة إحدى الفتيات من ذوى الإعاقة البصرية فى إحدى ورش الحكى عن معاناتها للانضمام لفرقة مسرح الجامعة والتى انتهت بالفشل. وأنارت قصة الفتاة الفكرة فى ذهنى والبحث عن إجابة لسؤال لماذا لا يوجد مسرح دامج لذوى الإعاقة؟ خصوصًا أنه لا يوجد سوى ثلاثة مسارح متاحة فقط لاستقبال الأشخاص ذوى الإعاقة كمؤدين وممثلين على المسرح وليس ضيوفًا فقط. ولكن تظل فكرة الإتاحة محدودة ولا تحتوى شغف التمثيل وممارسة فنون الأداء المختلفة للأشخاص ذوى الإعاقة أو ممثل تعرّض لحادث مفاجئ ترك إعاقة معينة، كيف يستكمل حياته وحُبه لمهنته وللفن؟!


 وكيف انطلقت «شجرة توت» كفكرة ومشروع فنى؟

- ساعدتنى فترة العزلة المنزلية أثناء جائحة «كوفيد - 19» على دراسة أعمق لفكرة المشروع، ونجحت فى الالتحاق بحاضنات أعمال فى جمعية «نهضة المحروسة»، وحصلت على دعم لتنظيم أول ورشة «احكيلى.. زى الريشة» التى تجمع بين فنون الحكى والتعبير الجسدى بالتعاون مع استوديو عماد الدين، ثم حصلت على زمالة «بسيطة لايف»، وانطلقت الفاعليات بتقديم أول عرض مسرحى دامج لذوى الإعاقة اسمه (ها نحن أو HERE WE ARE) سهرة مسرحية من قصص تشيكوف من إخراج هانى عفيفى، وضم أربعة ممثلين ذوى إعاقات مختلفة بين الحركية والسمعية والبصرية، واشتركنا بالعرض فى فعاليات مهرجان «باب البحر» بالإسكندرية، كما أن هذا العرض كان ممولاً من الاتحاد الأوروبى واتحاد المَعاهد الثقافية الأوروبية بمصر، ومؤسّسة العمل للأمل. بدعم من بسيطة لايف، استديو عماد الدين، وشركة المشرق للإنتاج الفنى والمسرحى، وبالتعاون مع مؤسّسة النور والأمل.


 وماذا عن اختيار الاسم.. «شجرة توت»؟

- حرصنا أن يكون الاسم بعيدًا عن التعاطف أو الشفقة على ممثلين من ذوى الإعاقة يقدمون فنونًا بأداء مختلف، وذهبنا لاسم يعكس الجدية والاهتمام بتقديم عمل احترافى ومهنى ومستمر يشارك فيه ذوو الإعاقة بشكل حقيقى، وبما أن التوت فاكهة ربيعية نادرة ومميزة، نرغب فى اختيار الاسم شجرة توت باهتمامنا بظهور ذوى الإعاقة دائمًا وليس فى فعاليات معينة، نرغب فى الوصول لمواهبهم المميزة واستمرار وجودهم فى المشهد الثقافى والفنى المص رى.

ماهى معايير الاختيار للمشاركين فى ورش الحكى والتمثيل المسرحى.. هل يشترط خبرات سابقة؟


- نهتم بالجودة، نفتح باب التقديم للورشة وينضم لنا من يرى فى نفسه الموهبة، ونعطى تخيفضًا للمشاركين من ذوى الإعاقة، كما نتواصل مع الجمعيات الأهلية التى ترشح أشخاصًا موهوبين، ولديهم الجدية والالتزام للاستمرار فى الورشة، كما نحرص على إعطاء مقابل للمشاركين نظير مشاركتهم فى العرض المسرحى؛ لكى يشعروا بقيمة الوقت وأنه عمل فنى احترافى.

وفيما يتعلق بالجودة نحرص على تقديم عروض فنية يحضرها الجمهور ليس من باب التعاطف مع ممثلين فى العرض من ذوى الإعاقة؛ ولكن نسعى لتقديم فنى متكامل دامج بين ممثلين مختلفين، لديهم موهبة حقيقية، حريصين على تنميتها وتقديم تجربة مختلفة، لدينا ممثلون سواء من ذوى الإعاقة أو من غير ذوى الإعاقة يدرسون بالمعهد العالى للفنون المسرحية وغيره من معاهد الفنون، ولديهم رغبة فى المشاركة فى مسرح الدمج.

 

يواجه مسرح الدمج أزمة فى الكتابة؛ حيث تتحول للغة خطابية تعليمية.. كيف تعالجون هذه المشكلة وما فلسفة العروض التى تنتجها «شجرة توت»؟

- نحرص عند كتابة النصوص على سؤال الممثلين عن أكثر القصص اقترابًا للواقع ولحياتهم، وهذا ما حدث فى عرض (ها نحن) المأخوذ عن نحو 20 قصة للكاتب أنطون تشيخوف، وناقشنا من خلال قراءة القصص الأفكار حتى تم اختيار سبع قصص فى النهاية، وساعد فى تحقيق ذلك برنامج الورشة المبنى على الحكى، وكنا حريصين على اختيار قصص لايت، والابتعاد عن القصص التراچيدية.. نريد إمتاع الجمهوروالترفيه، ونبعد النظرة التقليدية التى تصاحب عروض المسرح الدامج بإثارة التعاطف أو البكاء تجاه ممثلين من ذوى الإعاقة، وكذلك اختيار فكرة عامة تدمج فيها جميع المشاركين / ات، وتناسب كل فرد على مستوى التنفيذ.


فمثلاً فى مسرحية (ها نحن) التى تضم سبع قصص لتشيخوف، قرر المخرج هانى عفيفى أن الممثلين يقومون بتبديل ملابسهم على المسرح، فى تجربة حية أمام الجمهور للانتقال من قصة إلى أخرى، كما ضم العرض ثلاثة عازفين، ومنهم مريم كمال من ذوى الإعاقة البصرية وكانت تعزف «كمان» على المسرح.

وقدمنا عرضًا آخر اسمه (لقاء) عبارة عن عرض رقص معاصر، من إخراج وتصميم إبراهيم عبده، ومن أداء الممثلين من ذوى الإعاقة السمعية، مادونا جمال، جون عماد. والعرض كان يناقش فكرة اللقاء باعتباره من أمتع لحظات حياتنا؛ خصوصًا عندما يكون لقاء أشخاص قريبين من روحنا، لكن أحيانًا اللقاء لا يدوم ويحل مكانه الفراق، ونظل على أمل لقاء تانى بأشخاص وأزمنة مختلفة. 

 

شعار «شجرة توت» A Safe Place for Expression « أو «مكان آمن للتعبير».. ما التحديات التى تعرقل دمج ذوى الإعاقة فى المشهد الثقافى والفنى المصرى، وما هى الحلول؟

- نحتاج لتوفير بيئة ثقافية صالحة للأشخاص ذوى الإعاقة، بدءًا من المنحدرات «الرامبات» بجانب السلالم، وهو لا ينطبق على إتاحة الوصول للمسارح فقط ولكن توفير استوديوهات وقاعات تدريب تراعى متطلبات ذوى الإعاقة من وجود مصعد آمن لهم، أن تكون المسارح مؤهلة لوجود عارضين ومؤدين لديهم إعاقات مختلفة، فالآن هناك مسارح تعتمد على شاشات للقراءة بطريقة برايل لذوى الإعاقة البصرية، أو وجود داعمات على المسرح تحمى سقوط أشخاص يجلسون على كراسى متحركة أو من فاقدى البصر من على المسرح، أو شاشات تترجم العروض من خلال لغة الإشارة، وهكذا.


كما نحتاج لتأهيل المدربين فى القطاع الفنى والثقاقى؛ حيث ينقصهم الوعى فى كيفية التعامل مع ذوى الإعاقة فى المجال الفنى والثقافى، وأدركهم أن «التعاطف» ليس مهنيًا، بالإضافة إلى تدريب المدربين فى مجال الرقص المعاصر أو الحكى على كيفية المرونة فى تدريب أشخاص بإعاقات مختلفة وتوفير الخامات المناسبة لكل مشارك. أخيرًا نطمح فى الاستثمار فى هذا القطاع المهم وألا يصبح الدعم موسميًا.. نحن نسعى لوجود مناخ كامل احترافى يسمح بعمل ذوى الإعاقة فى المشهد الثقافى والفنى.

 

هل تصفين لنا التأثير الذى يتركه المسرح الدامج على المشاركين من الأشخاص ذوى الإعاقة؟

- الانطباع العام هو الشعور بالحُرية والقدرة على التعبير والحكى عن التجارب المختلفة، كما لاحظنا أن عروض الحكى والرقص المعاصر التى يشارك فيها الأشخاص ذوو الإعاقة تعطى الأمل والحماس لآخرين عندما يحضرون لمشاهدة هذه العروض، والتفكير أنه من السهل المشاركة أيضًا فى العروض الفنية. وهو ما نصبو إليه فى «شجرة توت» خلق مساحة حقيقية لذوى الإعاقة فى المشهد الثقافى والفنى المصرى، واستمرار وجودهم بشكل أصيل فى فنون الأداء المختلفة وليس ظهورًا مؤقتًا فى الفاعليات.

 

حصلتِ على تكريم من قرينة الرئيس السيسى فى احتفالية «المرأة المصرية.. أيقونة النجاح».. ما الذى يمثله هذا التكريم لكِ؟

- فخورون للغاية بهذا التكريم الذى يعكس اهتمام الدولة وتشجيعها للمشروع، وأننا على الطريق الصحيح وعلينا الاستمرار. 

 

هل واجهتِ تحديات فى تأسيسك لـ«شجرة توت» لكونك امرأة فنانة ومنتجة مسرحية؟

- واجهت تحديات كثيرة لكونى امرأة فنانة ومنتجة فى صناعة يسيطر عليها الرجال لعدة أسباب؛ منها صغر سنى ورغبة المخرجين الذكور فى فرض رؤيتهم باعتبارهم الأكثر معرفة وخبرة، من منطلق «انتى مين انتى عشان كلمتك تمشى، انتى أصغر منّى وكمان ست»؟!

فى الحقيقة؛ أنا منفتحة جدًا للتعلم واكتساب خبرات مختلفة وأسعى للسفر للخارج لاكتساب معرفة جديدة فى مجال دمج ذوى الإعاقة فى المسرح والفنون، ولكن لنا الحق كنساء رُغم ندرة أعدادنا كمنتجات مسرحيات أن نحصل على مساحتنا ونعبّرعن رؤيتنا.

 

هل يمكن التعاون مع مسرح «الشمس» لدمج ذوى الإعاقة التابع للبيت الفنى للمسرح فى فاعليات مشتركة مع «شجرة توت»؟

- نحن منفتحون جدًا لأى تعاون ونسعى خلال الفترة المقبلة أن نتواصل مع وزارات الثقافة والتضامن الاجتماعى والشباب والرياضة؛ خصوصًا فى الفاعلية المقبلة التى تنظمها «شجرة توت».. التعاون له نتائج مثمرة بين المنظمات الأهلية والجهات الرسمية، ولكن مع الحفاظ على رؤية «شجرة توت» التى تشترط الجودة وليس شيئًا آخر، لا نهدف دمج أشخاص ذوى إعاقة لمجرد وجودهم ولكن نسعى للموهوبين والذين لديهم وعى وجدية؛ لنخرج فى النهاية بعمل فنى.

 

ماهى خطط «شجرة توت» المقبلة؟

- تطمح «شجرة توت» فى الوصول بممثل مصرى من ذوى الإعاقة للعالمية، وهو الممثل عمرو عادل، الذى شارك فى مسلسلين هما (تياترو) و(ستهم)، وننظم معه (لقاء لايف) خلال الفترة المقبلة، كما ننظم لحدث يضم جميع العروض التى أنتجتها «شجرة توت» خلال شهرى أغسطس وسبتمبر المقبلين على مدار ثلاثة أيام. كما نعلن حاليًا عن فتح باب التقديم للدورة الرابعة لورشة الحكى والحركة «إحكيلى زى الريشة» بالتعاون مع استوديو عماد الدين للمخرج هانى عفيفى ومصمم الحركة إبراهيم عبده.   

bottom of page